U3F1ZWV6ZTI0NjIzNDY2NzAzMjMyX0ZyZWUxNTUzNDYxMjAwODY3OA==

إستراتيجية التدريس التبادلي: المفهوم، الأهمية، الأهداف، الخطوات والإجراءات، نتائج البحوث التربوية



إستراتيجية التدريس التبادلي 


( أ ) مفهوم إستراتيجية التدريس التبادلي:


تعد إستراتيجية التدريس التبادلي من أبرز الاتجاهات المعاصرة في مجال التدريس ؛ حيث يستفيد منها الكثير من الطلبة ، خصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصة بمدارس الدمج ، لأنهم يتبادلون أدوار التدريس فيما بينهم في مجموعات دراسية داخل الفصل الدراسي ، فهم مسئولون مسؤولية جماعية عن ما حققته المجموعة من نجاح أو فشل من خلال تبادل الأدوار فيما بينهم . ومن ثم فإنه ينبغي أن يكون الفصل الدراسي بمثابة بيئة افتراضية للمهارات والخبرات التي يتطلب الواقع تعلمها ، كما أن هناك مسؤولية تقع على المعلم في إعداد الطلبة للحياة في هذا الواقع والتفاعل مع ما يحدث فيه بإيجابية ونشاط .

كما قدمت العديد من التعريفات لإستراتيجية التدريس التبادلي ، فمن بينها ما له علاقة بوصفها كطريقة تدريس يتم التعاون فيها بين معلم المادة ومجموعات من الطلابية من خلال تنفيذ أنشطة تعلمية صفية ( مثل ، نشاط قرائي بغية تحسين فهم المقروء ) ، مستخدمين فيه كل من :

( ۱ ) التنبؤ .

( ۲ ) التساؤل .

( ۳ ) التوضيح .

( 4 ) التلخيص ( السليتي ، ٢٠١٤ ) .

من كذلك عرف التدريس التبادلي على أنه إستراتيجية تدريسية قائمة على الحوار المتبادل بين المعلم والطلبة من جهة ، وبين الطلبة بعضهم بعضاً جهة أخرى ، بحيث يتبادلون الأدوار طبقاً للمراحل الفرعية المتضمنة فيه ( التلخيص ، التساؤل ، التوضيح ، التنبؤ ) دون التقيد بترتيب معين لأي فقرة من النص ( سعود ، ۲۰۱۷ ) .


( ب ) أهمية إستراتيجية التدريس التبادلي:


أشارت بعض الدراسات ( منها على سبيل المثال ، دراسة البقري ، ٢٠١٦ ) إلى أهمية إستراتيجية التدريس التبادلي ، حيث تتضح من خلال جانبين رئيسيين ، وهما :

أولا : المساهمة في تنمية العديد من الجوانب المعرفية ، والمهارية ، والوجدانية لدى الطلبة :

حيث إنها تنمي قدرتهم على الحوار والمناقشة ، وتزيد من تحصيلهم الدراسي في المواد كافة ، وتعزز تعلم الطلبة عن طريق مناقشة النص مناقشة فعالة ، وتطور قدراتهم في إدراك النص وفهمه ، وتزيد من المخرجات الإيجابية في عدة جوانب أهمها الدافعية والعلاقات الاجتماعية والمهارات التعاونية ، وتنمي المهارات القيادية عند الطلبة وتطورها ، كما تنمي المهارات الذاتية للطلبة ، وتضيف المرح والإيجابية على القاعة الدراسية ، وتساعد الطلبة على استخدام الأدلة والبراهين وتطبيق المهارات والمعارف التي تعلموها أثناء الدرس ، واكتساب مهارات أكبر ، كما أنها تنمي مهارة الاستدلال العلمي ، وتدعم دور التفاعل الاجتماعي .

ثانياً : تعزيز عملية التعلم لدى الطالب :

حيث تجعله أكثر تفاعلا في العملية التعليمية ، وتدعم الاحتفاظ بالمعلومات وتذكرها عند الحاجة إليها ، كما تعمل على تنمية مجموعة من المهارات الأساسية للطلاب والتي من أهمها زيادة الاستيعاب للحقائق والمعلومات ، والقدرة على الحوار والمناقشة وإبداء الرأي والثقة بالنفس ، وتنظيم المادة العلمية بشكل متسلسل ، وإضفاء الترابط الفكري بين أجزاء المادة العلمية ، وتفعيل أسلوب التفكير الناقد والتفكير الإبداعي ، بالإضافة إلى تنمية المهارات الذاتية لدى الطلاب ، مع تنمية العديد من المهارات الاجتماعية كالعمل الجماعي والمسئولية الفردية والجماعية .


( ج ) أهداف إستراتيجية التدريس التبادلي:


بشكل عام ، تهدف إستراتيجية التدريس التبادلي إلى استخدام المناقشات في تحسين عمليات الفهم ، والاستيعاب ، وتطوير العديد من مهارات التفكير لدى الطلبة . إلا أن من أبرز الأهداف لإستراتيجية التدريس التبادلي ( حسن ، ۲۰۱۱ ) ، هي ما يلي : 
» تحسين مستوى فهم النصوص من خلال الإستراتيجيات الفرعية المتضمنة التلخيص ، طرح الأسئلة ، التوضيح ، والتنبؤ .

» تعزيز الإستراتيجيات السابقة ، وذلك باستخدام أسلوب المحاكاة والنمذجة والتوجيه من قبل المعلم .

» مساعدة الطلاب في أن يكون قادرين أثناء تطبيق الإستراتيجيات الفرعية على مراقبة تقدمهم .

» تنمية بعض المهارات فوق المعرفية .

» تقويم الأداء التدريسي في بيئات تعليمية مختلفة مثل المجموعات الشاملة والمجموعات الصغيرة .


( د ) خطوات وإجراءات إستراتيجية التدريس التبادلي:


الخطوات والإجراءات المتبعة إستراتيجية التدريس التبادلي عديدة ، حيث أن هذه الخطوات والإجراءات لا تعتمد على المعلم فقط بل أيضاً تعتمد بشكل كبير على الطلبة ، لأنها تتطلب مشاركة الطلبة في القيام بالأعمال المحددة وذلك بتوجيه من معلمهم أو من أحد زملائهم في المجموعة .

ومن الجدير بالذكر هنا أن هناك أربعة أنواع من الأنشطة يجب اتباعها قبل البدء في العمل على تعلم معلومات جديدة وفقاً لإستراتيجية التدريس التبادلي ، كما حددها زيتون ( ۲۰۰۳ ) ، على النحو التالي :


أولا : التلخيص :

كنشاط تعليمي يقوم المعلم بتوجيه الطلبة إلى تلخيص قطعة من النص في جملة أو فقرة ، مستخدمين في ذلك مفرداتهم الخاصة ، بحيث يأتي التلخيص معبراً عن لب الموضوع وما يتضمنه من أفكار أساسية ، ويتيح الفرصة أمام القارئ لفهم معنى النص فهماً جيداً ، والوقوف على أفكاره الرئيسة بشكل صحيح ، وصولاً إلى إحداث التكامل بين المعلومات المهمة في النص من خلال تنظيم وإدراك العلاقات بينها .


ثانياً : التساؤل :

كنشاط تعليمي يقوم المعلم بتوجيه الطلبة إلى قراءة النص قراءة دقيقة وواعية ، ثم يختبرون قدرتهم في فهم النص المقروء من خلال طرح أسئلة تتعلق بالنص على ذواتهم ، فكلما مرت عليهم فكرة في النص ، يسألون أنفسهم سؤالا حولها ، ومن ثم يحاولون الإجابة عنه ، فعندما يولد القارئ أسئلة حول ما يقرأ ، فإنه بذلك يحقق نقطتين مهمتين ، فهو من ناحية يحدد درجة أهمية المعلومات المتضمنة بالنص المقروء وصلاحيتها في أن تكون محوراً للتساؤلات ، ومن ناحية أخرى يكتسب مهارات صياغة الأسئلة ذات المستويات العليا من التفكير .


ثالثاً : التوضيح :

كنشاط تعليمي يطرح فيه المعلم مجموعة من الأسئلة على طلبته يستفسر منهم فيها عن الصعوبات التي تواجههم في فهم النص المقروء ، وعن الكلمات التي وردت في النص وصعب عليهم فهم معناها ، وكذلك عن المفاهيم الجديدة أو غير المألوفة التي مرت عليهم في النص ، ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن هذا النشاط التعليمي يسمح للمعلم أن يناقش طلبته حول أخطائهم في فهم النص .

رابعاً : التنبؤ :

كنشاط تعليمي يقوم المعلم بتوجيه الطلبة إلى قراءة جزء من النص قراءة دقيقة وواعية ؛ ليطرحوا بعد ذلك بعض تنبؤاتهم أو توقعاتهم حول ما سيطرحه مؤلف النص من أفكار أخرى في الجزء التالي من النص الذي لم يقرؤوه بعد ، الأمر الذي يوفر هدفاً محدداً أمامهم ، ويضمن درجة عالية من تركيزهم أثناء القراءة ، في محاولة منهم لتأكيد هذه التوقعات أو دحضها ، كما أن هذا النشاط يتيح أمام الطلاب فرصة ربط معلوماتهم وخبراتهم السابقة بالمعلومات الجديدة التي سيحصلون عليها من النص ، كما أنه مجال فسيح يتدرب الطلاب من خلاله على عملية النقد وإصدار الأحكام ، وبالتالي يسهم في تنمية المستويات العليا من التفكير لديهم .

كذلك حددت بعض الخطوات في عملية تنفيذ وإستخدام إستراتيجية التدريس التبادلي ( أحمد ، ٢٠١١ ) ، وهي كما يلي :

في بداية الدرس يطبق المعلم الإستراتيجية الفرعية على فقرة قرائية ، ويدير الحوار موضحاً كيفية استخدام الإستراتيجية من خلال التفكير بصوت مرتفع ، وذلك بهدف توضيح العمليات العقلية التي استخدمها في كل منها على حدة ، مع توضيح المقصود بكل نشاط .

» يقوم المعلم بتوزيع بطاقات المهمات المتضمنة في الإستراتيجية الفرعية على الطلبة أثناء جلوسهم في الوضع المعتاد .


» بدء مرحلة التدريبات الموجهة حيث يقوم الطلبة بقراءة فقرة من النص قراءة صامتة ، ثم يتبادلون بعدها الحوار بشكل جماعي طبقا لبطاقات المهمات التي مع كل منهم ، وذلك بهدف مراجعة المهمات المتضمنة بالإستراتيجيات الفرعية من خلال طرح الأسئلة .

» توجيه الأسئلة التالية : حدد الكلمات التي وردت في الفقرة وصعب عليك فهم معناها ؟ ( توضيح ) ؛ هل وردت إلى ذهنك صورة معينة عندما قرأت هذه الفقرة أو سمعتها ؟ ( تصور ذهني ) ؛ هل تستطيع أن تضع أسئلة على الفقرة المقروءة بنفس جودة أسئلة المعلم ؟ ( تساؤل ) ؛ من قراءتك لهذه الفقرة حدد الفكرة الأساسية لها ؟ ( تلخيص ) ؛ ما هي تنبؤاتك أو توقعاتك حول الفقرة التالية من النص ؟ ( تنبؤ ) . عند تقسيم الطلاب إلى مجموعات لابد أن نراعي عدم التجانس في مستويات التحصيل ، بحيث تضم كل مجموعة ستة طلاب طبقاً للإستراتيجية الفرعية المتضمنة ، ويعين قائد لكل مجموعة يقوم بدور المعلم في إدارة الحوار ، على أن يتبادل دوره مع غيره من أفراد مجموعته بعد كل حوار جزئي حول فقرة من الفقرات المقروءة .

» توزع نسخة من النص على كل طالب من طلاب المجموعات المختلفة ، محدد بها نقاط التوقف بعد كل فقرة ، مع تخصيص وقت مناسب لقراءة كل فقرة قراءة صامتة وذلك طبقاً لمستواها ودرجة صعوبتها .

» يبدأ الحوار التبادلي داخل المجموعات بحيث يكون قائد المجموعة أو المعلم هو المسؤول عن إدارة الحوار ، ثم يعرض كل فرد داخل المجموعة مهمته على باقي أفراد مجموعته ، ويعطي لهم الفرصة الكافية للاستفسار عن أعماله ، ثم يجيب عن استفساراتهم حول ما قام به .

» بعد الانتهاء من الحوار حول فقرة معينة ، توزع أوراق التقويم متضمنة أسئلة متنوعة عن هذه الفقرة كاملة ، وعلى المعلم أن يقوم بمراجعة عمليات التفكير التي تمت ، بهدف التأكد من فاعليتها في مساعدة الطلبة على فهم المقروء ، ثم يكلف فرد واحد من كل مجموعة بالبدء في استعراض الإجابة عن أسئلة التقويم ، وعليه أن يوضح أثناء الاستعراض الخطوات التي اتبعتها مجموعته ، وأيضاً العمليات العقلية التي وظفها كل منهم في أداء مهمته المحددة وإنجازها بنجاح .

كما أن في إستراتيجية التدريس التبادلي يظهر دور المعلم كموجه ، ومرشد ، وميسر ، ومساند للمتعلم . بينما يأتي دور المتعلم الإيجابي ، والمتفاعل ، والمتعاون ، والمشارك ، حيث يسأل ويحاور ويفكر بصوت مرتفع . وعلى المعلم في هذه الإستراتيجية أن يكون مطلعاً وقارئاً جيداً ومثقفاً وواسع الأفق ؛ كي يؤدي دوره بمهنية وفاعلية واقتدار . ولهذا حددت الدراسات التربوية والتي منها على سبيل المثال دراسة الربيعي ( ٢٠١٣ ) ، دور كل من المعلم والمتعلم في إستراتيجية التدريس التبادلي على النحو التالي :

أولا : دور المعلم في إستراتيجية التدريس التبادلي يتضح من خلال كونه :

» ميسراً ومسهلا لعملية التعلم .

» مساهماً في بناء المعنى لدى المتعلمين . مشاركاً في بناء الأنشطة التعلمية مع المتعلمين .

» مساهماً في تصميم المواقف التعليمية المناسبة للمتعلمين . مقدماً التعزيز الملائم للمتعلمين .

» معداً لنماذج توضيحية لخطوات استخدام الإستراتيجية للمتعلمين ، بهدف الاستفادة منها على الوجه الأمثل .

» ثانياً : دور المتعلم في إستراتيجية التدريس التبادلي يتضح من خلال كونه :

» مشاركاً في تصميم المواقف والأنشطة التعليمية ، ومساعداً المعلم في إعدادها .

» رابطاً بين معرفته وخبرته السابقة بالمعرفة والخبرة الجديدة التي يحصل عليها .

» ملخصاً ما قرأه ومحدداً ما ورد فيه من فقرات مهمة .

» مناقشاً المعلم ومستفسراً منه حول ما لا يعرفه .

قادراً على استنتاج المعلومات الجديدة ومن ثم تطبيقها على الموضوع .

قادراً على التنبؤ بكل ما هو جديد .


( هـ ) نتائج البحوث التربوية حول إستراتيجية التدريس التبادلي:

أشارت العديد من نتائج البحوث والدراست التربوية إلى أهمية وفاعلية إستراتيجية التدريس التبادلي ؛ فمنها على سبيل المثال دراسة هاشي وكونور ( 2003 , Hashey and Connors ) التي أشارت إلى أن تفعيل هذه إستراتيجية التدريس التبادلي يعزز من العلاقات الإيجابية بين جميع الطلبة ، كونها أسلوباً جيد الاستخدام خصوصا الطلبة ذوي صعوبات التعلم ( 2000 , Lederer ) كما أن لإستراتيجية التدريس التبادلي أهمية خاصة في تعزيز الحوار بين جميع الطلبة ، وذلك عندما يتم توظيفها في إجراء بعض التعديلات على الأنشطة الصفية . ( 2002 , Hacker and Tenent ).

ووفقا لنتائج دراسات أخرى ، فقد وجد أن الطلبة الذين يلاحظون المعلمين أثناء القيام بمهام مختلفة ونمذجتها بإستخدام إستراتيجية التدريس التبادلي سيصبحون قادرين على تنفيذ المهام الموكلة إليهم بشكل أفضل ( Lysynchuck 1990 , Pressley and Vye ) ، كما أنهم سيكتسبون معرفة أكثر عمقاً لمفاهيم النصوص وفهمها ( 1999 , King & Johnson ) ، وسيتعلمون كذلك الطريقة المثلى لمعالجة النصوص وفهمها بشكل دقيق ( 2002 , Greenway ) .

وفي دراسة أخرى لـ ماسون ( 2004 , Mason ) ، اختبرت مدى تأثير تفعيل إستراتيجيتين في فهم المقروء لدى طلاب الصف الخامس الابتدائي الذين يعانون من مشكلات تعلمية مختلفة ، حيث أظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً في مستوى القراءة لدى هؤلاء الطلبة .

وبدراسة الزهراني ( ٢٠١٦ ) ، التي أجراها على مجموعة من الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة للوقوف على مدى فاعلية إستخدام إستراتيجية التدريس التبادلي ، حيث جاءت نتائجها تشير إلى التحسين في مهارات الفهم القرائي لدى هؤلاء الطلبة . كما أظهرت نتائج دراسة المرعبة ( ٢٠١٧ ) فاعلية إستراتيجية التدريس التبادلي مع الطلاب ذوي صعوبات التعلم ، حيث ساهمت بشكل كبير في تنمية مهارات الفهم القرائي لديهم . وأخيراً ، أظهرت نتائج دراسة عبدالوهاب ( ٢٠١٦ ) التي أجريت على عدد من طلاب ذوي صعوبات التعلم ، أن هناك أثراً مرتفعاً حول توظيف إستراتيجية التدريس التبادلي القائمة على التعلم التخيلي في تدريس هؤلاء الطلاب
.

المصدر: 
كتاب استراتيجيات التدريس المثبتة علميا وذات حجم تأثير في جميع مستويات التعليم، د. زيد الشمري، مكتبة زمزم الإسلامية، الكويت، الطبعة الأولى، 2019م، ص: من الصفحة 81 إلى الصفحة 90، بتصرف يسير في العناوين.

 الكتاب متاح مجانا من قبل المؤلف


تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة