( 1 ) إستراتيجية تعليم الأقران
( أ ) مفهوم إستراتيجية تعليم الأقران:
إن إستراتيجية تعليم الأقران تحاول تلبية احتياجات الطلبة مختلف أنواع الفصول الدراسية ، حيث يحاكي بها الطالب دور المعلم . وهنا ينبغي أن يكون أحد القرينين أكثر خبرة من زميله الآخر المتلقي . وهذا يعني أن إستراتيجية تعليم الأقران تُلقي مسؤولية التعلم على عاتق الطالب شخصيا ، فيعلم بعضهم بعضاً ، كما تتيح فرص للمناقشات والتساؤلات وكذلك الحصول على التغذية الراجعة بشكل مباشر .
تعددت التعريفات الخاصة بإستراتيجية تعليم الأقران ، حيث عرفت بأنها أسلوب تعليمي في العملية التعليمية يعتمد على تقنيات تربوية حديثة ، تتم من خلال تحديد أربعة أشكال فيه وهي : ( ۱ ) المتوازي حيث يتبادل فيه الطالبان المعلومات في وقت العمل نفسه وفي المهمة نفسها ، ( ۲ ) التعليمي حيث يقوم فيه أحد الطالبين بدور المعلم والآخر بدور المتعلم ، ( ۳ ) المشترك حيث يقوم كل من الطالبين بأداء دور المعلم بالتعاقب مع زميله الآخر ، ( 4 ) الملاحظ حيث يراقب كل طالب عمل زميله ويلاحظه بشكل جيد . ( محمد ، ٢٠١٤ ) .
بينما وضع باحثون آخرون ( صالح وأمين ، ۲۰۰۳ ) ، تعريفاً آخر لإستراتيجية تعليم الأقران ، والذي ينص على أنها طريقة للتعلم توفر تفاعلاً إيجابياً بين الطالب وزميلة ، حيث تهدف إلى قيام الزميل بالتعليم لتعزيز موضوع ما في علاقة أحادية الطرف .
( ب ) أهمية إستراتيجية تعليم الأقران:
يستخدم المعلمون العديد من الإستراتيجيات التدريسية الفاعلة في عمليات التعليم والتعلم والتي من بينها التدريس بواسطة الأقران ، والتي تعد فاعلة في تعزيز المهارات الاجتماعية والأكاديمية للطلبة العاديين وكذلك الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة . وهذا ما أكدته العديد من الدراسات ، خصوصا تلك التي بينت أهميتها في التعليم . حيث أشارت دراسة محمد ( ٢٠١٤ ) إلى أنها صالحة للتوظيف في مختلف المواد الدراسية ويمكن تطبيقها في كل المستويات من المراحل التعليمية ، فهي :
» تتيح فرصاً لتحقيق التفاعل الإيجابي بين المعلم والطالب .
» تتيح فرصاً لتقويم الأفراد والجماعات .
» تساعد في إنجاز الأنشطة المرتبطة بمحتوى التعلم بما تتيحه من وقت كاف لإنجازها .
» تنمي مهارات الاتصال لدى الطلبة وتعمل على تكوين علاقات اجتماعية جيدة بينهم .
» تؤدي إلى زيادة التحصيل الدراسي لدى الطلاب وتزيد من دافعيتهم نحو التعلم .
» تقوي مفهوم الذات وتقلل من الإحباط .
كما أن هناك خصائص محددة تبرز أهمية إستراتيجية تعليم الأقران ، يوجزها أمين ( ٢٠١٠ ) في النقاط التالية :
» إن تعليم الأقران يكسب القرين المعلم درجة كبيرة من المرونة بحيث يستطيع الاستمرار في التعليم ، من خلال اكتسابه وتنميته لمجموعة من المهارات الأساسية والمعارف المختلفة التي يحتاجها في ممارسته لعملية التدريس .
» إن تعليم الأقران يحقق كثيراً من النتائج الإيجابية المرغوبة ، فعندما يتيح المعلم للأقران الفرصة لكي يعلم بعضهم بعضاً ، فإنه بذلك يتيح لهم أولاً فرصة تغيير وجهة نظرهم عن الدور التقليدي للمعلم كمسيطر على العملية التعليمية ومتحكم فيها ، الأمر الذي يقلل من توتر المتعلمين وقلقهم من فكرة كون المعلم مصدر السلطات الوحيد ، وأيضاً تعفي إستراتيجية تعليم الأقران المعلم من كثير من الأعمال الملقاة على عاتقه ، مما يتيح له وقتاً كافياً لأداء دوره الإنساني الذي لا يقل أهمية في نظرنا عن الدور التعليميهذا الدور الذي يتمثل في إظهار الاهتمام بالمتعلمين كأفراد ، وحثهم على بذل الجهد والعمل والتغلب على ما يواجههم من عقبات .
» بما أن كل فرد في إستراتيجية تعليم الأقران يعمل ضمن مجموعة فهو ليس مسؤولاً فقط عن عمله كفرد ، بل هو مسؤول كذلك عن عمل أقرانه في المجموعة ، مما يعزز من تحقيق مبدأ الاعتماد الإيجابي المتبادل .
» تعود إستراتيجية تعليم الأقران بفائدة كبيرة ونتيجة إيجابية خصوصاً على أولئك المتعلمين الذين لا يثقون بأنفسهم ، حيث تنمي لديهم القناعة بأنه من السهل عليهم التعليم أيضاً ، هذا بالإضافة إلى تشجيعهم على القيام بدور القرين المعلم ، فهم عندما يشاهدون القيادة في يد زملائهم المماثلين لهم وليست في يد المعلم التقليدي ، يدركون حينها أن القيادة ليست بالعملية الصعبة المتعسرة ، بل هي أمر سهل يسير استطاع زملاؤهم المماثلون لهم القيام به ، وبالتالي يسهل عليهم أيضا الوصول إليه .
» يتيح تعليم الأقران الفرصة أمام الطالب المعلم للتدريب على مهارة تدريسية محددة في فترة زمنية قصيرة ، وأيضاً إتاحة الفرصة له في الحصول على تغذية راجعة وفورية استناداً إلى أدوات موضوعية ، وهذا بدوره يوفر له دورة تعلم قصيرة إذا ما قورنت بدورة التعلم في حالة التدريب على التدريس في مواقف فعلية ، وهذا يعني أن الطالب المعلم يتلقى تقويماً وتدعيماً أكثر . هذا بالإضافة إلى أن هناك فرصة لتكرار دورة التعلم أكثر من مرة حتى يتقن الطالب المعلم المهارات التدريسية التي يتدرب عليها .
( ج ) أهداف إستراتيجية تعليم الأقران:
إن إستراتيجية تعليم الأقران تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المرتبطة بموضوع الدرس وبالمتعلم . ومن هذه الأهداف التي حددها رشوان وعبد المالك ( ٢٠١٥ ) ، ما يلي :
» إتاحة الفرصة للقيام بالنشاط التعليمي مع القرين الآخر من خلال الأداء المشترك في المهارة المتضمنة في المادة العلمية . » ممارسة النشاط التعليمي مع الحصول المباشر على التغذية الراجعة من القرين الآخر .
» إكساب المتعلم القدرة على تصحيح الأخطاء وتقديم التغذية الراجعة إلى القرين الآخر .
» تنمية العلاقات الاجتماعية والتعاونية بين المتعلمين وتطويرها من خلال العمل ضمن مجموعات صغيرة وثنائيات .
» زيادة إدارك الدارسين بأن عملهم يفيد أقرانهم عن طريق الاعتماد الإيجابي المتبادل ، مما يجعلهم قادرين على تحمل مسئولية تعليم أقرانهم .
( د ) خطوات وإجراءات إستراتيجية تعليم الأقران:
يوجد العديد من الدراسات التربوية ( رشوان وعبد المالك ، ٢٠١٥ ؛ ودراسة زيتون ، ۲۰۰۳ ؛ الحيلة ، ١٩٩٩ ) ، حيث وضعت مجموعة من الخطوات والإجراءات التي يجب اتباعها عند استخدام إستراتيجية تعليم الأقران ، ومنها ما يلي :
» تهيئة المتعلمين لأهمية استخدام إستراتيجية تعليم الأقران في تنمية مهارات الكتابة لديهم .
» قيام المعلم بتقسيم المتعلمين إلى ثنائيات ، القرين المعلم والقرين المتعلم ، ثم يشرح لهما مهارات الكتابة ، ويتأكد أن القرين الذي سيقوم بدور المعلم قد أتقن هذه المهارات جيداً .
» بعد أن يتقن القرين المعلم مهارات الكتابة إتقانا جيدا يقوم بشرحها للقرين المتعلم .
» يقتصر دور المعلم على التوجيه والإرشاد فقط عندما يطلب القرين المعلم المساعدة .
» اختيار وحدة أو موضوع مناسب للدراسة .
» إعداد ورقة عمل للوحدة التعليمية من قبل المعلم .
» تنظيم فقرات التعلم وفقرات الاختبار .
» تقسيم المتعلمين إلى مجموعات .
» يقوم كل عضو بعرض ما اكتسبه من معلومات ومهارات أمام مجموعته الأصلية .
» تجميع درجات تحصيل المتعلمين بعد خضوعهم لاختبار فردي وتدوين درجة كل منهم على حدة ، بهدف الحصول على إجمالي درجات المجموعة .
» حساب درجات المجموعات ، وتحديد المجموعة المتفوقة ، ومن ثم تكريمها بتقديم المكافآت الجماعية لها .
( هـ ) نتائج البحوث التربوية حول إستراتيجية تعليم الأقران:
أشارت العديد من نتائج البحوث والدراست التربوية إلى أهمية وفاعلية إستراتيجية تعليم الأقران ؛ فمنها على سبيل المثال دراسة العتيبي والحارثي ( ٢٠٠٨ ) والتي كان الهدف من ورائها هو التعرف على فاعلية إستراتيجية تدريس الأقران في إكساب التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة ، كلمات وظيفية ذات أهمية في حياتهم ، بالإضافة إلى الوقوف على مدى قدرتهم على الاحتفاظ بتلك الكلمات وتعميمها ، حيث جاءت النتائج لتؤكد فعالية إستراتيجية تعلم الأقران هذا النوع من الطلاب ؛ إذ استطاع جميع الطلاب اكتساب كلمات وظيفية جديدة ذات أهمية في حياتهم ، كما استطاعوا الوصول إلى المستوى المطلوب بعد أن طور أداءهم بشكل تدريجي وبصورة مختلفة فيما بينهم ، وذلك حسب قدرات وإمكانيات كل منهم .
كما أن دراسة القمش ( ٢٠٠٧ ) التي هدفت إلى إجراء بحث عن فاعلية إستراتيجية تدريس الأقران في تنمية بعض كفايات التدريس لدى معلمي التلاميذ ذوي صعوبات التعلم في المرحلة الابتدائية ، حيث أظهرت نتائج الدراسة فاعلية إستراتيجية تدريس الأقران في تنمية الكفايات التدريسية موضوع الدراسة ، حيث وجد أن هناك فروقاً بين متوسط أداء المجموعتين التجريبية والضابطة تعزى لطريقة التدريس ولصالح المجموعة التجريبية التي تم تدريبها باستخدام أسلوب تدريس الأقران في مجموعة كفايات وهي : كفاية تنظيم الصف ، وكفاية إدارة الصف ، وكفاية العرض والتقديم ، وكفاية التغذية الراجعة .
المصدر:
كتاب استراتيجيات التدريس المثبتة علميا وذات حجم تأثير في جميع مستويات التعليم، د. زيد الشمري، مكتبة زمزم الإسلامية، الكويت، الطبعة الأولى، 2019م، ص: من الصفحة 107 إلى الصفحة 113، بتصرف يسير في العناوين.
الكتاب متاح مجانا من قبل المؤلف
إرسال تعليق